طاقة

إيران تحدّ تدفق الغاز إلى العراق وبغداد تبحث عن بدائل

قال أحد المراقبين، إن إيران تسعى إلى إحراج وتقويض الحكومة العراقية من خلال محاولة تأجيج الاستياء الشعبي.

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، يفتتح وحدتين للطاقة ذات الدورة المركبة في محطة كهرباء العمارة في 10 آب/أغسطس. [وزارة الكهرباء العراقية]
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، يفتتح وحدتين للطاقة ذات الدورة المركبة في محطة كهرباء العمارة في 10 آب/أغسطس. [وزارة الكهرباء العراقية]

أنس البار |

في كل صيف، وتحت ذريعة تأخُّر العراق عن دفع مستحقات مشترياته من الغاز الطبيعي من إيران، تقوم طهران بقطع أو تقليل تدفق الغاز إلى جارتها الغربية.

ونتيجة لذلك، يواجه العراق، الذي يعتمد على الغاز الإيراني بشكل أساسي لتشغيل محطات الطاقة وتغطية ثلث احتياجاته من الطاقة، انقطاعا متزايدا للتيار الكهربائي خلال الأشهر الأكثر حرا في العام.

وفي تموز/يوليو، توقف الإنتاج في ست محطات كهرباء رئيسة هي المنصورية وغاز الصدر وجنوب بغداد والرشيد والتاجي وخور الزبير، نتيجة لانقطاع التيار الكهربائي. وتوقفت أيضا محطات الطاقة الرئيسة والثانوية الأخرى عن العمل جزئيا.

وفي محاولة للتخفيف من حدة الأزمة، قامت وزارتا الكهرباء والنفط العراقيتان بتزويد عدد من محطات توليد الطاقة بالوقود البديل، البنزين، لإعادتها إلى وضعية التشغيل.

فنيون عراقيون يعملون في مصنع لإنتاج الغاز في محافظة الناصرية جنوبي العراق، يوم 28 آذار/مارس. [شركة نفط البصرة]
فنيون عراقيون يعملون في مصنع لإنتاج الغاز في محافظة الناصرية جنوبي العراق، يوم 28 آذار/مارس. [شركة نفط البصرة]

وصرّح المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء العراقية، أحمد موسى العبادي، بأن مخزون البنزين ساهم في تغطية جزء من النقص في الإنتاج، إذ سهّل إنتاج 24 ألف ميغاواط من الكهرباء.

ومع ذلك، أكد العبادي للفاصل أن "كمية الكهرباء المولّدة ما تزال أقل من مستوى الإنتاج القياسي الذي وصل إليه العراق قبل الأزمة الأخيرة، ألا وهو 26 ألف ميغاواط، والذي يُعتبر المعدّل الأعلى في تاريخه".

الحد من تدفّق الغاز رغم سداد المستحقات المطلوبة

في هذا الوقت من العام، وعندما تتعرض شبكة الكهرباء لضغوط هائلة، يحتاج العراق إلى أكثر من 30 ألف ميغاوات لتلبية الطلب الهائل على الطاقة.

اليوم، تضخ إيران 15 مليون متر مكعب من الغاز يوميا لاستخدامه في تشغيل محطات توليد الكهرباء في بغداد ومحافظات العراق الجنوبية.

هذه الكمية هي أقل من نصف ما كانت إيران تضخّه قبل أن تقرّر الحد من تدفق الغاز، وقرار وصفه مسؤولون عراقيون بأنه أخذ "فجأة ومن دون سابق إنذار أو تنسيق ثنائي".

وبلغت ديون بغداد لطهران، التي تم سدادها في أواخر حزيران/ يونيو، 1.6 مليار دولار من مشتريات الغاز والطاقة التي تمت بين 2019 و2021.

واتخذت إيران قرار الحد من إمدادات الغاز في أعقاب إعلان نائب وزير النفط الإيراني ماجد تشغيني في 25 حزيران/ يونيو، بأن العراق سدد ديونه للغاز بالكامل لكن إيران تواجه مشاكل في تحويل الأموال من بنك تي بي آي العراقي.

وبسبب القيود المصرفية المرتبطة بالعقوبات، أوردت التقارير أن إيران عجزت عن الوصول إلى الأموال.

هذا وينفق العراق سنويا نحو 6 مليارات دولار على واردات الغاز من إيران. وقد استورد نحو 9.4 مليار متر مكعب من الغاز من طهران في عام 2022.

وفي تموز/يوليو، أصدرت الولايات المتحدة إعفاء قابلا للتجديد لمدة تصل إلى 120 يوما لمشتريات الغاز العراقي من إيران، ما سمح لبغداد بدفع مستحقات الغاز لطهران على الرغم من العقوبات.

وصدر الإعفاء بشرط أن تستخدم إيران الأموال لشراء السلع الإنسانية.

محاولة إثارة استياء العراقيين

ومع ذلك، اعتبر أحد المراقبين أن "التفسير الحقيقي لانقطاع إمدادات الغاز في إيران هو السياسة، وليست مشاكل تسديد المستحقات".

وأشار المحلل السياسي طارق الشمري، إلى أن الحكومة الإيرانية تُحد صادرات الغاز إلى العراق "لمحاولة إثارة الاستياء الشعبي وإحراج الحكومة العراقية من خلال إشعال الاحتجاجات مجددا بسبب انقطاع التيار الكهربائي".

وأضاف أن الحكومة العراقية تهدف إلى وقف واردات الغاز التي تستنزف ميزانيتها وتنفذ خطة طموحة لتأمين احتياجاتها من الطاقة من مصادر بديلة.

وأوضح للفاصل أن الخطة تقضي بتركيب وحدات توليد كهربائية بنظام الدورة المركبة في المحطات التي تعمل على الغاز، وهي عبارة عن "توربينات حرارية" تنتج 4000 ميغاوات من دون وقود.

وفي 10 آب/أغسطس، دشن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وحدتين للطاقة ذات الدورة المركبة في محطة كهرباء العمارة التي تعمل بالغاز بقدرة إجمالية تبلغ 250 ميغاواط.

وأكد مسؤولون عراقيون أنه "ثمة بعض المشاريع قيد التنفيذ لبناء محطات طاقة حرارية ومحطات تعمل بالطاقة الشمسية وخطوط شبكة كهرباء إقليمية".

تطوير حقول الغاز

ومن ضمن خطتها لتطوير حقول الغاز، توصلت بغداد إلى اتفاق مع شركة أرامكو السعودية في أيار/مايو الماضي لتطوير حقل غاز عكاس في محافظة الأنبار.

وعند الانتهاء من استحداثه، سيكون لديه القدرة على إنتاج 400 مليون قدم مكعب (11.3 مليون متر مكعب) من الغاز يوميا.

وذكرت التقارير، أن "هناك جهودا أخرى جارية لتحسين حقول الغاز العراقية بمساعدة الشركات الكبرى في حقول الناصرية والغراف والبصرة النفطية".

وتابع الشمري "هذه الخطة [لتطوير حقول الغاز] تثير غضب الإيرانيين وتضر بمصالحهم، لذلك يحاولون تعطيلها وإبقاء العراق مكبلا بالديون لاستنزاف ثرواته واقتصاده".

وشدد على أن العراق يستطيع "خلال السنوات القليلة المقبلة تحقيق الاستقلال الذاتي في قطاع الطاقة، وخصوصا الكهرباء، وتعزيز مستوى الخدمات التي يقدمها لمواطنيه".

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *