طاقة

انسحاب الصين من الحقول النفطية يزعزع سياسة إيران بـ ʼالتوجه شرقاʻ

يأتي انسحاب الصين من مشروعي الحقلين النفطيين الإيرانيين رغم الجهود المتواصلة التي تبذلها الجمهورية الإسلامية لتشجيع الاستثمارات الشرقية.

صورة تظهر الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي مع نظيره الصيني شي جي بين خلال حفل استقبال نظم بتاريخ 14 شباط/فبراير أثناء زيارة رئيسي للصين. [وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية]
صورة تظهر الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي مع نظيره الصيني شي جي بين خلال حفل استقبال نظم بتاريخ 14 شباط/فبراير أثناء زيارة رئيسي للصين. [وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية]

مزداك راضي |

قال محللون إن انسحاب الصين مؤخرا من مشروعي حقلين نفطيين في إيران جاء رغم الجهود المتواصلة التي يبذلها الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي لاستقطاب الاستثمارات الصينية، ويثير تساؤلات حول جدوى سياسة إيران بـ"التوجه شرقا".

ويأتي هذا الانسحاب رغم اتفاق شامل مدته 25 عاما وتم توقيعه في العام 2021 بين طهران وبيجين للتعاون الاقتصادي والعسكري والأمني، وفي أعقاب زيارة أجراها رئيسي لبيجين في شباط/فبراير ودامت 3 أيام.

ومع أن مسؤولين من الدولتين وقعوا على 20 وثيقة تعاون أثناء تواجد رئيسي في الصين، إلا أنها كلها لم تكن مرتبطة بقطاع الطاقة.

وقبل الرحلة، وردت تقارير أفادت بأن شركة سينوبيك الصينية انسحبت من مشروع تطوير في حقل يادافاران النفطي بالقرب من الحدود مع العراق، وقد تحدثت معلومات عن قدرة هذا الحقل بإنتاج نحو 3 مليار برميل نفط.

انسحبت شركة سينوبيك الصينية من مشروع تطوير خاص بحقل يادافاران النفطي في إيران. [Mizenaft.ir]
انسحبت شركة سينوبيك الصينية من مشروع تطوير خاص بحقل يادافاران النفطي في إيران. [Mizenaft.ir]
تم الاتفاق مع الصين بشأن تطوير حقلي نفط رئيسيين في إيران إبان حكم الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، ويظهر هذا الأخير في حقل يادافاران النفطي بشهر تشرين الثاني/نوفمبر. [president.ir]
تم الاتفاق مع الصين بشأن تطوير حقلي نفط رئيسيين في إيران إبان حكم الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، ويظهر هذا الأخير في حقل يادافاران النفطي بشهر تشرين الثاني/نوفمبر. [president.ir]

وبعد بضعة أسابيع من عودة رئيسي من الصين، نقلت وكالات أنباء رسمية في إيران أن "عمليات التطوير في حقل يادافاران النفطي ستنفذ على يد شركات إيرانية"، ما يؤكد بشكل غير مباشر انسحاب الصين.

وأكدت الحكومة الإيرانية في سياق منفصل انسحاب الصين من مشروع حقل نفطي آخر كان يركز على حقل أزاديغان النفطي في إيران.

وبحسب تحليل أجرته وكالة إنصاف نيوز الإخبارية المحلية، فإن "الصين استخدمت بحسب المعلومات واقع أن إيران خاضعة للعقوبات كذريعة، قائلة إن وضع إيران غير عادي وإنه لا بد من تأخير المشروع".

وجاء في التحليل أن "الصين جعلت حتى التصديق على المرحلة الثانية مرهونا بالموافقة السياسية لبيجين، مستخدمة الذريعة نفسها. وفي هذه الأثناء، تجاهلت دعوات وزارة النفط الإيرانية لبدء العمل في الحقل النفطي".

وقالت الوكالة إنه خلافا للتفاؤل الذي يتم التعبير عنه في الأوساط المتشددة بشأن سياسة رئيسي بـ"التوجه شرقا"، لا تنوي بيجين استثمار العمل أو المال في الحقل النفطي.

وتم إطلاق مشاريع تطوير حقلي يادافاران وأزاديغان أثناء ولاية الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، إلا أن الشركة الصينية لم تبدأ العمل بهما.

حذر صيني

وفي هذا السياق، قال فيريدون كورد-زنغانه مدير الاستثمار والمشاريع في الشركة الوطنية الإيرانية للنفط لموقع أويل برايس في نيسان/أبريل إن الصين قررت منذ العام 2018 اعتماد "مقاربة أكثر حذرا في المجالات التي قد تستفز الولايات المتحدة".

وأضاف للموقع أن "هذه المقاربة شملت تعديل عملياتها في مشاريع النفط والغاز الكبرى في إيران".

وتابع أن "الولايات المتحدة أعادت فرض العقوبات على إيران في 2018، في الفترة نفسها تقريبا حيث احتدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ما دفع بيجين إلى تحويل مسارها من العمل على مشاريع تطوير كبرى في إيران إلى اتخاذ مشاريع بعقود أصغر".

وأضاف "يتعلق ذلك بحقول في إيران كانت بيجين مهتمة بها، بما في ذلك حقول غربي نهر كارون وعدة حقول أخرى لها خزانات مشتركة مع العراق".

يُذكر أن إيران أصبحت في تموز/يوليو عضوا كاملا في منظمة شنغهاي للتعاون، وذلك في أعقاب توقيع اتفاقيتين استراتيجيتين لمدة 25 و20 سنة بالتتالي بين إيران والصين وإيران وروسيا.

وأشار خبراء اقتصاد وآخرون إلى هذه الاتفاقيات على أنها بمثابة "بيع إيران".

فشل سياسة ʼالتوجه شرقاʻ

وذكر محللون أنه مع انسحاب الصين من مشروع يادافاران، تم تدمير وهم نجاح سياسة "التوجه شرقا" التي تمسك بها مؤيدو الحكومة الإيرانية.

وأضافوا أن بيجين لا تفكر إلا بمصلحتها الخاصة وتدير ظهرها بسهولة للجمهورية الإسلامية عندما يلزم الأمر، رغم الخطاب المتناقل بشأن التحالفات والمصالح المشتركة، وحتى رغم الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها.

وبدوره، قال الخبير الاقتصادي سعيد مهدي زاده المقيم في ألمانيا لموقع بيشتاز إن الصين لا تأبه بالاتفاق الذي وقعته مع إيران وليست مهتمة إلا بالنفط الإيراني الذي تشتريه بسعر منخفض جدا.

وتابع أن "الصين ليس لديها أي ميل لتعريض اقتصادها وقطاع الطاقة فيها للخطر عبر الوقوع في فخ سياسات إيران العشوائية وغير المدروسة".

وأكد "لهذا السبب تحديدا، على إيران قطع علاقاتها الاقتصادية البارزة مع الصين".

وأوضح أنه "بالنسبة للصين، يعد توسيع وتعزيز التعاون مع الدول العربية في المنطقة أهم بكثير من مشاريعها في بلد محفوف بالمخاطر وغير مستقر كإيران".

ويقول البعض إن عضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون لا تعد سببا كافيا يؤكد على وفاء بيجين بالتزامها، ذلك أن هناك شروط بشأن قيود التعامل تجاريا مع إيران نظرا للعقوبات المفروضة عليها.

وأوضح مهدي زاده لبيشتاز "رغم الدعاية المستمرة التي تعتمدها الدولة والتي يتبعها النظام في إيران، تفيد عضويتها في منظمة شنغهاي للتعاون موسكو وبيجين عبر تأمين وصول مجاني ورخيص لهما إلى موارد وأسواق إيران".

وأضاف أن هذه العضوية لا تساهم أبدا في إنقاذ اقتصاد إيران المنهار.

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *