عدالة

اليمن من بين أكثر 3 دول تلوثا بالألغام الأرضية والمتفجرات

خلال السنوات الخمس الماضية، تسببت الألغام الأرضية والقذائف غير المنفجرة وغيرها من مخلفات المعارك بين الحوثيين والقوات الحكومية في سقوط 1469 ضحية من المدنيين.

أحد عناصر القوات الموالية للحكومة اليمنية يعدّ لغما للتفجير عن بعد في قرية حيس بمحافظة الحديدة غرب اليمن، في 11 آب/أغسطس. [خالد زياد/وكالة الصحافة الفرنسية]
أحد عناصر القوات الموالية للحكومة اليمنية يعدّ لغما للتفجير عن بعد في قرية حيس بمحافظة الحديدة غرب اليمن، في 11 آب/أغسطس. [خالد زياد/وكالة الصحافة الفرنسية]

فؤيق عمل الفاصل ووكالة الصحافة الفرنسية |

دبي – حذّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن اليمن يعاني من أحد أعلى معدلات التلوث بالألغام الأرضية وغيرها من المتفجرات القاتلة في العالم، وذلك بعد تسع سنوات من بدء الحرب الأهلية الوحشية.

وأفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن الدولة العربية الفقيرة، التي غرقت في الصراع عندما قام الحوثيون المدعومون من إيران بانقلاب واستولوا على العاصمة في سبتمبر/أيلول 2014، تُعدّ من بين الدول الثلاث الأكثر تضررا.

ويُقدر المحللون أنه تم زرع ما لا يقل عن مليون لغم خلال سنوات الاضطرابات في اليمن، بالإضافة إلى قذائف غير المنفجرة وغيرها من المخلفات العسكرية، ما تسبب في خطر يومي.

قال المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأدنى والأوسط باللجنة الدولية للصليب الأحمر، فابريزيو كاربوني "عندما يتعلق الأمر بالتلوث الناجم عن الأسلحة، يعد اليمن، بالإضافة إلى أفغانستان والعراق، من بين البلدان الثلاثة الأكثر تضررا".

وأضاف "إنه أمر مدمر حقا وتدعايته على الناس وسلامتهم وسبل عيشهم أيضا كبيرة جدا".

هذا ويقاتل تحالف عسكري بقيادة السعودية الحوثيين منذ آذار/مارس 2015 في صراع خلف مئات الآلاف من القتلى لأسباب مباشرة وغير مباشرة من بينها المجاعة.

ووفقا لمشروع رصد الأثر المدني التابع إلى الأمم المتحدة، تسببت الألغام الأرضية والقذائف غير المنفجرة وغيرها من مخلّفات المعارك في سقوط 1469 ضحية بين المدنيين على مدى السنوات الخمس الماضية.

وأكّد كاربوني "أن وجود الذخائر غير المنفجرة ضخم للغاية".

إلى ذلك، وجدت اللجنة الدولية بعد إجراء سلسلة من المقابلات العام الماضي، أنه "20 في المائة من أصحاب الماشية الذين يعيشون في منطقتين قريبتين من خطوط المواجهة أبلغوا عن تلوث أراضيهم بالمتفجرات".

خلصت دراسة أخرى أجرتها اللجنة الدولية للرعاة إلى أن 70 في المائة منهم فقدوا حيواناتهم بسبب الألغام الأرضية وغيرها من المتفجرات.

وقال كاربوني "التلوث كبير جدا وواسع النطاق لدرجة أنك لن تكون في وضع يسمح بإزالة كل شيء"، مضيفاً "حتى لو انتهى الصراع اليوم".

الألغام المحلية الصنع

أشارت المتحدثة باسم بمشروع مسام السعودي لنزع الألغام، سمية المحمود، إلى أن الحوثيين زرعوا الألغام الأرضية في المنازل والمدارس والمناطق الزراعية وحتى حول مصادر المياه.

وتابعت المحمود أن نحو 85 في المائة من الألغام "مصنوعة محليا".

فخلال فترة بدء عملياته في اليمن في نهاية حزيران/يونيو 2018 ونهاية عام 2022، فككت مسام 379.605 لغما أرضيا وعبوة ناسفة، ما أدى إلى تنظيف 42.644.021 كيلومترا مربعا من الأراضي اليمنية.

بدورها، أوضحت المتحدثة باسم اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، إشراق المقطري، أنه "لا يمر يوم واحد من دون أن يسقط ضحايا الألغام الأرضية في المحافظات التي استهدفها الحوثيون".

أضافت أن ضحايا الألغام الأرضية يعتقدون أن "الطرق التي يمرون بها لا تحتوي على ألغام أرضية لأنهم لا يتوقعون زرعها بالقرب من منزل أو مسجد أو مزرعة".

وأردفت "لا توجد أماكن آمنة، خصوصا في المناطق التي كانت مسرحا للنزاعات المسلحة أو التي يحاول الحوثيون السيطرة عليها، إذ يقوم عناصر الجماعة بزرع الألغام خلسة فيها".

وشدّدت أيضا على أن زرع الألغام الأرضية "يُعد انتهاكا متواصلا لحقوق المدنيين".

عملية التطهير قد تستغرق "عقودا"

هدأت المعارك في اليمن بشكل ملحوظ بعد دخول وقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة حيز التنفيذ في نيسان/أبريل 2022. وصمد الهدوء النسبي إلى حد كبير حتى بعد انقضاء الاتفاق في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأكد كاربوني أنه "حتى لو ساد السلام، فإن تطهير الأرض من المتفجرات سيستغرق سنوات عديدة"، مضيفا أن "ذلك سيتطلب موارد وخبرة وآلات".

وتابع "نحن نتحدث عن عقود ربما. لكن مرة أخرى، إنها مسألة موارد".

وأضاف كاربوني "اليوم، نعلم وندرب!"

وقال "نعقد جلسات مع السكان ونبلغهم بالمخاطر المتعلّقة بالذخائر غير المنفجرة، ونطلب منهم إبلاغنا إذا عثروا على مخلفات حرب، حتى نتمكن من تنظيم (عملية الإزالة) مع مختلف السلطات والشركاء".

وتابع "هذا جديد تماما بالنسبة لنا".

ولفت كاربوني إلى أن اللجنة الدولية تبذل وتجدد جهودها لتحديد هوية المقاتلين وإعادة رفات الذين لقوا حتفهم من كل جانب.

وقال "هناك العديد من الجثث التي تركت وراءنا، ونريد حقا العمل مع جميع أطراف هذا النزاع لبذل المزيد من الطاقة والمضي قدما في هذه المهمة".

وأضاف "نحن نستثمر في الطب الشرعي، ونستثمر كذلك في محاولة جمع الأطراف كافة حول الطاولة".

وفي أيار/مايو، تبادل الحوثيون والقوات الحكومية جثث 43 مقاتلا، في أكبر عملية من نوعها حتى الآن. وقبل ذلك بشهر، أطلقوا سراح ما يقرب من 900 معتقل.

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *

كلام جميل