سماح عبد الفتاح | 2023-10-18

في محافظة السويداء جنوبي سوريا، تلعب النساء دورا مهما في موجة تظاهرات جديدة ضد النظام انطلقت في منتصف آب/أغسطس، مع خروج مئات المواطنين إلى الشوارع، واكتسبت زخما منذ ذلك الحين.

وشارك المئات في التظاهرة الأولى على خلفية التضخم العالي والاقتصاد المتدهور، وانضم الآلاف إلى الحراك بحلول 20 آب/أغسطس.

وقالت سناء زين الدين، 24 سنة وهي تعمل في قطاع صناعة الملابس وأصلها من بلدة شهبا في السويداء، للفاصل إن أشقاءها وأقارب آخرين لها "انضموا إلى الاحتجاجات منذ اليوم الأول من انطلاقها في ساحة الكرامة بمدينة السويداء".

وأضافت أنهم رفضوا في البداية الطلب الذي وجهته لهم بالانضمام، "لأن الأمور كانت ضبابية جدا والأجواء كانت مشحونة والتوتر الأمني يسود ساحات الاعتصام".

وأوضحت أن المتظاهرين تخوفوا بداية من قيام نظام بشار الأسد بتنفيذ "تحركات عكسية دموية كما عادته".

ولكن ذكرت أنها انضمت في نهاية المطاف مع نساء أخريات إلى التظاهرات التي نظمت في بلدتها.

وقالت "تفاجأت بأن العديد من الفتيات والسيدات يتواجدن أيضا في هذه الساحات"، لافتة إلى أن تواجد النساء في قلب الحدث عادة بات أمرا سائدا.

وأضافت أنه بعد وقت قصير من بداية موجة التظاهرات، "بدأت الناشطات بتشكيل لجان خاصة لتنظيم انتشارهن ومشاركتهن معا، بالإضافة إلى كتابة اللافتات المؤيدة للحراك".

وفي هذه اللافتات إدانة للنظام السوري ومؤيديه ولا سيما حزب الله الذي حوّل المحافظة الجنوبية إلى مركز إقليمي لإنتاج وتهريب وتجارة المخدرات وأبرزها الكبتاغون.

دور ريادي للنساء

وفي هذا السياق، قال الناشط نزار أبو علي وأصله من السويداء إن البعض قد يعتقد أن الناشطات يشاركن في التظاهرات "للقيام بإعمال الإطعام ونقل المياه وغيرها ... لكن مع الوقت أثبتت الناشطات أنه لا فرق بينها وبين الناشطين على الإطلاق".

وأضاف للفاصل "بل على العكس، فان للناشطات دورا أساسيا بكل ما من الكلمة من معنى بل أهم. هن أصبحن يقدن التحركات ويتواجدن بالخطوط الأمامية".

وتابع أن مجموعات صغيرة من النساء، ومن بينهن أمهات، نظمت نفسها لقيادة التظاهرات ضد النظام "في أكثر من منطقة"، مضيفا أن حافز الكثير منهن بالمشاركة هو الخوف على مستقبل أولادهن.

وقال إن النظام تجاهل المنطقة على مدى سنوات، ويشكل "نشر حزب الله للمخدرات الضارة في المنطقة بموافقة ودعم النظام" تهديدا وجوديا للجيل الجديد.

وأشار إلى أن الأمهات يعتبرن أنه حان وقت التخلص من النظام وأن الفرصة قد لا تسنح مجددا، في ظل الزخم الذي اكتسبته موجة التظاهرات من المجتمع المدني والديني في المحافظة.

حماية أجيال المستقبل

وقالت خريجة جامعة دمشق لمى العندراي البالغة من العمر 33 سنة وهي أم لولدين، للفاصل إنها تابعت التظاهرات عن كثب منذ انطلاقها في ساحة الكرامة بالسويداء وانتشرت سريعا عبر المحافظة.

وأوضحت "في بادئ الأمر، اعتقدتُ أن التحرك سينطفئ سريعا كغيره من التحركات التي حصلت سابقا".

وتابعت "لكن مع استمرار تدفق الرجال والنساء إلى الساحات العامة للمشاركة في التحركات ... رأيت أن الواجب يحتم علي المشاركة أنا أيضا".

وأضافت "من حظي أن والدتي ورغم كبر سنها تكفلت برعاية الأطفال خلال مشاركتي بالتظاهرات".

وذكرت "هذه التحركات أعادت الاعتبار للجميع في محافظة السويداء دون استثناء وخاصة نساء وفتيات المنطقة، واللواتي يثبتن كل يوم بأنهن المعادلة الأصعب".

وتابعت أن "المرأة التي تربي أطفالها أو الفتاة التي تربي إخوتها وأقاربها على المعنى الحقيقي للحرية والكرامة وفضح حقيقة النظام لها الدور الأساسي بتكوين جيل كامل سيتابع التحرك ويحافظ على مكتسباته مستقبلا".

ولفتت إلى أن الجيل الجديد "يفهم فعلا معنى الحرية ويرى بأم عينيه التضحيات التي قام بها الناشطون والناشطات".