مجتمع
حرب الحوثيين على النساء: إسكات أصوات الأمل في اليمن
في اليمن، تدور حرب صامتة ضد النساء، حرب تستهدف أصواتهن، وطموحاتهن، بل وحتى وجودهن.
![تقف نساء في غرفة انتظار في عيادة خيرية محلية في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث يقدم الكادر الطبي النسائي خدمات أساسية للمعوزين. 14 مارس/آذار 2023. [محمد حويس/وكالة الصحافة الفرنسية]](/gc1/images/2025/11/25/52898-afp__20230314__33bb8d8__v1__highres__yemenconflicthealthpovertycharity-600_384.webp)
فريق الفاصل |
صعّدت جماعة الحوثي، المعروفة بانتهاكاتها لحقوق الإنسان، من عنفها الممنهج ضد النساء، وخاصة اللواتي يعملن في القطاع العام، ومجال الخدمة المجتمعية.
هذه الهجمات الموجهة لا تسلب اليمن العقول المتعلمة فحسب، بل تهدد أيضاً أجياله المستقبلية.
اغتيال القيادات النسائية المجتمعية
أصبح اغتيال القيادات سمة مروعة لحرب الحوثيين على النساء.
قُتلت الدكتورة افتهان المشهري، مديرة صندوق النظافة والتحسين في تعز، بالرصاص في سبتمبر/أيلول بعد تلقيها تهديدات مرتبطة بعملها في الخدمة العامة.
بعد أسابيع، قُتلت الدكتورة وفاء المخلافي في صنعاء، وشهد على وقعة اغتيالها المارة وكاميرات المراقبة.
أثار حادث الاغتيال غضباً وحزناً واسعَين في أوساط الأكاديميين وأعضاء المجتمع.
نعى الأساتذة والطلاب فقدان قائدة بارزة التزمت التزاماً عميقاً بالتعليم والعمل الإنساني.
سلطت القاضية إشراق المقطري، من اللجنة الوطنية للتحقيق في إدعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، الضوء على التصاعد المقلق في عمليات الاغتيال داخل المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
تُستهدف النساء العاملات في مجالات التعليم والإعلام وجهود الإغاثة بذرائع واهية.
أدى هذا العنف الممنهج، إلى جانب شعور الحوثيين بقدرتهم على الإفلات من العقاب، إلى زيادة خطورة العمل في قطاع الخدمة العامة على النساء.
التشهير والترهيب
تتجاوز حرب الحوثيين على النساء العنف الجسدي.
أصبحت المضايقات الرقمية أو ما يعرف أيضا بإساءة المعاملة عبر الإنترنت، وتشويه السمعة، وخطاب الكراهية أدوات لإسكات النساء.
تحذّر نادية السقاف، وهي المرأة الأولى التي شغلت منصب وزيرة الإعلام في اليمن، من أن العنف الرقمي دسيس للغاية.
إذ يتغلغل من أجل الإقصاء في الحياة اليومية ويُجبر النساء على الانسحاب من الانخراط في مجالات الحياة العامة.
تُشكّل الوصمة الاجتماعية، التي تُغذّيها الدعاية الزائفة للحوثيين، رادعاً يدفع الأسر إلى تثبيط عزيمة النساء اللواتي يرمن وظائف في القطاع العام.
وهذا بدوره يُنشئ ثقافةً مُرعبةً من الخوف والصمت.
يُصرّح توفيق الحميدي، من منظمة سام للحقوق والحريات، بأن هذا الإقصاء استراتيجيةٌ مُتعمّدة.
يهدف إلى محو المرأة من المشاركة في النسيج الاجتماعي والسياسي لليمن.
مستقبل اليمن على المحك
عندما تُكمم أصوات النساء، يكون لفعلٍ كهذا عواقب تؤثر في جميع أنحاء اليمن.
تُمثّل نساءٌ مثل الدكتورة المشهري والصحفية رشا عبد الله، التي اغتيلت عام 2021، أكبر من مجرد خسائر فردية.
إذ يُخلّف غيابهن وأمثالهن فراغاً في مجالات الإعلام والتعليم والجهود الإنسانية، مما يُعيق تعافي اليمن من سنوات الصراع.
يُقدّر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن 6.2 مليون امرأة وفتاة في اليمن يواجهن خطر العنف في عام 2025.
علاوة على ذلك، تُعدّ معدلات وفيات الأمهات في اليمن الأعلى بالفعل في الشرق الأوسط.
يُفاقم تهديد النساء وترهيبهن الأزمة، إذ قد يترك الكادر الطبي النسائي المهنة، أو ينقطعن عن إكمال التعليم العالي تماماً.
إن دور المرأة جزء لا يتجزأ من تعافي اليمن ومستقبله.
لذا فإن أفعال الحوثيين ضدهن ليست مجرد جرائم ضد أفراد، بل هي جرائم ضد وطن بأكمله.