أمن

سلوك إيران ’المتهور‘ يأجج التوترات الإقليمية

قالت الولايات المتحدة إن طهران انتهكت "في اليومين الماضيين فقط الحدود السيادية لثلاثة من جيرانها"، ودانت هجماتها على العراق وسوريا وباكستان.

متظاهرون يحملون صورا لأجساد الأطفال ولافتة كتب عليها "أربيل تبقى صامدة ولن تركع أمام الهجمات الإرهابية"، خلال تظاهرة يوم 16 كانون الثاني/يناير خارج مكتب الأمم المتحدة، بعد يوم من استهداف الحرس الثوري الإيراني عدة مناطق في المدينة بهجمات صاروخية. [سافين حميد/وكالة الصحافة الفرنسية]
متظاهرون يحملون صورا لأجساد الأطفال ولافتة كتب عليها "أربيل تبقى صامدة ولن تركع أمام الهجمات الإرهابية"، خلال تظاهرة يوم 16 كانون الثاني/يناير خارج مكتب الأمم المتحدة، بعد يوم من استهداف الحرس الثوري الإيراني عدة مناطق في المدينة بهجمات صاروخية. [سافين حميد/وكالة الصحافة الفرنسية]

فريق عمل الفاصل |

دانت الولايات المتحدة الضربات الإيرانية الأخيرة في العراق وسوريا وباكستان ووصفتها بأنها "متهورة"، معتبرة أنها تنتهك سيادة الدول الثلاث وتزيد من حالة عدم الاستقرار في المنطقة.

وكان الحرس الثوري الإيراني قد أطلق يوم الاثنين، 15 كانون الثاني/يناير، 15 صاروخا بالستيا على العراق وسوريا ضد ما أسماه "الجماعات الإرهابية المناهضة لإيران".

وأطلقت إيران ما لا يقل عن 11 صاروخا مستهدفة ما زعمت أنه مقر للمخابرات الإسرائيلية بالقرب من مجمع القنصلية الأميركية الجديد الذي ما يزال قيد الإنشاء في أربيل، عاصمة المنطقة الكردية في العراق.

وبعد ساعات، أسقطت ثلاث طائرات مسيرة مسلحة فوق مطار أربيل حيث تتمركز قوات أميركية تعمل تحت مظلة التحالف الدولي الذي يقاتل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

فريق من الدفاع المدني ينفذ عمليات بحث وإنقاذ في مبنى تضرر بعد الهجوم الصاروخي الذي شنه الحرس الثوري الإيراني على أربيل، عاصمة المنطقة الكردية في العراق، يوم 17 كانون الثاني/يناير. [سافين حميد/وكالة الصحافة الفرنسية]
فريق من الدفاع المدني ينفذ عمليات بحث وإنقاذ في مبنى تضرر بعد الهجوم الصاروخي الذي شنه الحرس الثوري الإيراني على أربيل، عاصمة المنطقة الكردية في العراق، يوم 17 كانون الثاني/يناير. [سافين حميد/وكالة الصحافة الفرنسية]

وأطلقت إيران الصواريخ الأربعة الأخرى على سوريا مبررة الضربات بأنها رد على تفجير انتحاري مزدوج استهدف مدينة كرمان مطلع الشهر الجاري.

من جهته، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن التفجيرات القاتلة التي استهدفت حفل تأبين للقائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، والتي خلفت عشرات القتلى والجرحى.

ادعاءات كاذبة

استدعت بغداد سفيرها لدى إيران بعد يوم من الهجوم على أربيل الذي أسفر عن مقتل أربعة مدنيين وإصابة ستة على الأقل، بحسب مجلس الأمن الإقليمي.

وبعد جولة في المبنى الذي تعرض للقصف، نفى مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي ادعاءات إيران بأنها ضربت قاعدة استخبارات إسرائيلية في أربيل ووصفها بأنها "كاذبة".

وقال الأعرجي لقناة K24 التلفزيونية الكردية، "فيما يتعلق بالوجود المزعوم لمقر للموساد الإسرائيلي، قمنا بزيارة المنزل وتفقدنا كل ركن فيه وكل شيء يشير إلى أنه منزل عائلة رجل أعمال عراقي".

ونددت الحكومة العراقية بالضربات الصاروخية ووصفتها بأنها "اعتداء على سيادتها".

ووصف رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الضربات بأنها "عمل عدواني واضح"، وذلك في تصريحات لبلومبرغ على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا.

في السياق نفسه، قالت وزارة الخارجية في بيان إن السلطات العراقية "ستتخذ جميع الخطوات القانونية" اللازمة، بما في ذلك "تقديم شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".

وقال مكتب رئيس وزراء الإقليم الكردي، مسرور بارزاني، أنه التقى بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في دافوس يوم الثلاثاء، وانتقد الزعيم الكردي خلال اللقاء الهجمات ووصفها بأنها "غير مبررة وغير قانونية"، داعيا المجتمع الدولي "إلى عدم التزام الصمت".

وأما المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر فأكد في بيان أن الولايات المتحدة تدين بشدة "الضربات الصاروخية المتهورة التي تنفذها إيران والتي تقوض استقرار العراق".

بدوره، دان وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إيران بسبب ضرباتها الصاروخية القاتلة في أربيل.

وقال يوم الثلاثاء "إن هذه التصرفات غير المبررة والتي لا سبب لها، تشكل انتهاكا غير مقبول لسيادة العراق ووحدة أراضيه".

تعاون أمني

وتعد هذه الضربات الثانية من نوعها التي يستهدف فيها الحرس الثوري الإيراني أربيل بشكل مباشر منذ آذار/منذ مارس 2022، بزعم أنها ضد مواقع تستخدمها إسرائيل. ففي عام 2022، تم استهداف منزل رجل أعمال كردي آخر بثمانية صواريخ باليستية على الأقل.

وتصر السلطات الكردية على أن إسرائيل لا تمتلك أي مواقع في أربيل أو بالقرب منها.

ويوم الثلاثاء أيضا، التقى جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي جو بايدن، برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا وعرض تعاونا أمنيا أكبر بعد الضربات الإيرانية.

وذكر بيان للبيت الأبيض أن سوليفان تحدث مع السوداني بشأن "الهجمات الصاروخية البالستية المتهورة التي تشنها إيران".

وجاء في البيان أن الجانبين "ناقشا أهمية وقف الهجمات ضد الأفراد الأميركيين في العراق وسوريا والتزما بتعزيز التعاون الأمني كجزء من شراكة دفاعية طويلة الأمد ومستدامة".

وكشف البنتاغون أنه بين 17 تشرين الأول/أكتوبر و11 كانون الثاني/يناير، سجل ما لا يقل عن 130 هجوما ضد القوات الأميركية والقوات الأجنبية الأخرى، بينها 53 في العراق و77 في سوريا.

وأعلنت المقاومة الإسلامية في العراق، وهي تحالف فضفاض من الجماعات المسلحة المرتبطة بإيران، مسؤوليتها عن معظم الهجمات بطائرات مسيرة أو صواريخ.

هجوم ’مزعزع للاستقرار‘ على باكستان

في وقت لاحق من ليلة الثلاثاء، أطلقت إيران صواريخ وطائرات مسيرة ضد أهداف داخل باكستان زاعمة أنها قواعد لجيش العدل.

وجيش العدل هو جماعة إيرانية متشددة تعارض طهران بسبب قمعها المزعوم لمجتمع البلوش العرقي في مقاطعة سيستان وبلوشستان الإيرانية.

وقالت إسلام آباد إن الهجوم أسفر عن مقتل طفلين وإصابة مدنيين آخرين، قبل أن تستدعي سفيرها من إيران يوم الأربعاء احتجاجا على "الانتهاك الصارخ وغير المبرر لسيادة باكستان".

وقال ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية يوم الأربعاء، إن طهران انتهكت "في اليومين الماضيين فقط، الحدود السيادية لثلاثة من جيرانها".

وأضاف "أعتقد أنه من دواعي السخرية أن تكون إيران، من ناحية، الممول الرئيس للإرهاب في المنطقة، والممول الرئيس لعدم الاستقرار في المنطقة، ومن ناحية أخرى، [تدعي] أنها بحاجة أن تفعل ما فعلته لمكافحة الإرهاب".

وقالت وزارة الخارجية الباكستانية، الخميس، إنها أطلقت صواريخ ومسيرات انتقامية استهدفت المسلحين البلوش في إيران، "في ضوء معلومات استخباراتية موثوقة عن أنشطة إرهابية وشيكة واسعة النطاق".

وحثت الولايات المتحدة باكستان وإيران على تجنب تصعيد التوترات.

وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، إن الولايات المتحدة تراقب الوضع "عن كثب شديد" وإنها على اتصال بالمسؤولين الباكستانيين.

وقال كيربي للصحافيين المسافرين مع الرئيس جو بايدن على متن طائرة الرئاسة، "هاتان دولتان مسلحتان تسليحا جيدا، ومرة أخرى لا نريد أن نرى تصعيدا".

لكن كيربي أكد حق إسلام آباد في الدفاع عن نفسها.

وأوضح "لقد تم ضربهم أولا من قبل إيران فيما كان واضحا أنه هجوم متهور آخر، ومثال آخر على سلوك إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة".

وقال ميلر للصحافيين في مؤتمر صحافي بوزارة الخارجية، "لا نعتقد أن هذه الحادثة يجب أن تتصاعد بأي شكل من الأشكال". وتابع "باكستان حليف رئيس للولايات المتحدة من خارج الناتو، وسيظل الحال كذلك، لكننا نحث في وضع مماثل على ضبط النفس".

من جانبه، أعرب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أيضا عن "شعوره بقلق عميق" إزاء الضربات الإيرانية الباكستانية.

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *

طلعوا العاب خوش يلة