أمن

العراقيون العائدون من النزوح جراء أفعال داعش يندمجون بمجتمعاتهم بدعم الحكومة

تقدم الحكومة العراقية للنازحين أنواعا مختلفة من المساعدات لتمكين عودتهم الطوعية إلى ديارهم واستئناف حياتهم.

مسؤولون عراقيون يستعرضون عبايات تمت خياطتها من قبل نساء عدن من مخيمات النزوح بمحافظة الأنبار. [وزارة الهجرة والمهجرين العراقية]
مسؤولون عراقيون يستعرضون عبايات تمت خياطتها من قبل نساء عدن من مخيمات النزوح بمحافظة الأنبار. [وزارة الهجرة والمهجرين العراقية]

أنس البار |

في مشغل صغير بمدينة الموصل شمالي العراق، تعمل شيماء الجبوري البالغة من العمر 42 عاما كخياطة لإعالة أفراد أسرتها.

وقد نزحت الجبوري التي تعرف بلقب "أم هيثم" من محافظة نينوى خلال الحرب التي هدفت إلى طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من البلاد، قبل العودة إلى ديارها.

وعاشت فترة طويلة في مخيم للنازحين مع زوجها وأطفالها الخمسة، حيث اختبروا "أعباء الحياة" قبل العودة إلى منزلهم والاندماج مجددا في المجتمع المحلي.

وقالت الجبوري لموقع الفاصل إنها لم تكن في البداية تتقن الخياطة.

عراقيون نازحون عادوا إلى منازلهم في محافظة نينوى يتلقون الخدمات التي تدعم عودتهم الطوعية واندماجهم في المجتمع بتاريخ 18 آب/أغسطس. [وزارة الهجرة والمهجرين العراقية]
عراقيون نازحون عادوا إلى منازلهم في محافظة نينوى يتلقون الخدمات التي تدعم عودتهم الطوعية واندماجهم في المجتمع بتاريخ 18 آب/أغسطس. [وزارة الهجرة والمهجرين العراقية]

ولكنها طورت مهاراتها عبر المشاركة في دورات تدريبية ممولة من الحكومة لمساعدة السكان العائدين والسماح لهم باحتراف مهن مدّرة للدخل.

واستفادت أيضا من برامج مساعدات سمحت لها بفتح مشغل صغير لصناعة ألبسة الأطفال.

وذكرت "إني سعيدة بعملي الذي يعتبر مصدر رزق أسرتي الوحيد"، آملة بأن ينمو مشروعها وأن يحقق ربحا أكبر.

ʼإغلاق ملف النزوحʻ

هذا وتحفز الحكومة العراقية مواطنيها النازحين داخل البلاد على الرجوع الطوعي والاندماج في مجتمعاتهم لتتمكن من "إغلاق ملف النزوح" بعد هزيمة داعش.

وقال مسؤولون للفاصل إن الخطة تهدف إلى "إسدال الستار على واحدة من أعقد تبعات الإرهاب"، مشددين في الوقت عينه على أن قرار العودة يعود في نهاية المطاف إلى النازحين أنفسهم.

ورغم النجاح الذي حققه العراق خلال السنوات الماضية في إعادة أعداد كبيرة من النازحين إلى مراكز إقامتهم الأصلية، إلا أن التقارير الرسمية تحصي اليوم وجود أكثر من مليون نازح.

ولا يزال يعيش العدد الأكبر منهم في 30 مخيما، تقع غالبيتها شمالي البلاد.

وفي هذا السياق، قالت وزيرة الهجرة العراقية إيفان فائق جابرو في حديثها للفاصل إن "حل مشكلة النزوح يشغل اهتمام الحكومة"، علما أن هناك تعاون وثيق بين المنظمات الحكومية وغير الحكومية لتنفيذ خطة وطنية.

وأكدت أن وزارتها "لا تجبر أي نازح على العودة وإنما توفر في إطار الخطة كل التسهيلات والخدمات الإنسانية التي تدعم رجوعه لمنطقته باختياره".

وذكرت أن الوزارة تعمل "على تذليل أية عقبات قد تعترض النازحين بعد العودة وتأمين المتطلبات الضامنة لاستقرارهم واندماجهم الاجتماعي".

وأوضحت أن الخطة انطلقت من ضرورة تهيئة مناخات ملائمة لانخراط المواطنين العائدين، بما في ذلك تقديم الدعم المالي.

وتابعت أن "هناك حوالي 14 ألف أسرة عائدة تم شملها بمنحة العودة والتي تعطى لتعزيز صمود العائدين ومقاومتهم لأعباء الحياة".

وتبلغ قيمة المنحة المخصصة لكل أسرة مليون ونصف المليون دينار عراقي (أي نحو 1146 دولارا).

برامج تدريب للعائدين

كذلك، تدعم الحكومة العراقية مشاركة العائدين في البرامج التدريبية التي تنظمها لهم لتحصيل خبرات في مهن جديدة.

واختتم في 29 آب/أغسطس أحدث هذه البرامج المخصصة للنساء العائدات في محافظة الأنبار، وقد شاركت 150 سيدة بـ 3 دورات تدريبية في مجالات الخياطة وصناعة المعجنات وتصفيف الشعر.

وتسعى برامج أخرى ضمن الخطة لتحسين الواقع المعيشي للأسر العائدة وتنمية اقتصاد المجتمعات المحلية مع التركيز على تمويل أية مشاريع صغيرة تخطط لإنشائها تلك الأسر.

وقال مسؤولون إنهم يأملون أن تستفيد نحو ألف أسرة، ولا سيما فئة العائدين الأكثر هشاشة، هذا العام من برنامج التمويل والإقراض الميسر لإنشاء سبل العيش أمامها وتقوية التماسك المجتمعي.

وبالتعاون مع شركاء دوليين، يساعد العراق سكانه العائدين على ترميم وإصلاح منازلهم المدمرة على يد داعش، وهو ما يمثل أهم تحد في وجه عودة الآلاف من النازحين الذين لا يزالون في المخيمات.

وأعلن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في تقرير نشر في 6 نيسان/أبريل عن إعادة تأهيل أكثر من 35 ألف منزل مدمر منذ هزيمة داعش الإقليمية في العراق عام 2017.

وجاء في التقرير أن جهود إعادة الإدماج المدعومة من برنامج الإنمائي للأمم المتحدة نجحت في تمكين 9 آلاف عائلة نازحة داخليا من العودة إلى مجتمعاتها.

ووافقت الحكومة في 29 آب/أغسطس على مقترح تقدمت به الوزيرة جابرو يتضمن منح الأسر العائدة خصما بقيمة 50 في المائة على أسعار الوحدات السكنية في مجمعات الإسكان الحكومية التي يتم إنشاؤها في المحافظات المحررة.

ويأتي هذا القرار ضمن حزمة الخدمات والإجراءات التحفيزية الممنوحة في خطة العودة الطوعية.

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *