بيئة

منتجع بحيرة الحبانية العراقي يشهد موسما سياحيا ’جافا‘

انحسرت ضفاف بحيرة الحبانية بعشرات الأمتار بعد 4 سنوات متتالية من الجفاف، الأمر الذي وجه ضربة قاسية لموسم السياحة في محافظة الأنبار.

صورة تظهر منشآت سياحية خالية على ضفاف بحيرة الحبانية بعد تأثرها بالجفاف الشديد في محافظة الأنبار العراقية يوم 11 آب/أغسطس. [مرتضى رضا/وكالة الصحافة الفرنسية]
صورة تظهر منشآت سياحية خالية على ضفاف بحيرة الحبانية بعد تأثرها بالجفاف الشديد في محافظة الأنبار العراقية يوم 11 آب/أغسطس. [مرتضى رضا/وكالة الصحافة الفرنسية]

فريق عمل الفاصل ووكالة الصحافة الفرنسية |

لم يشهد التاجر العراقي محمد مثل هذا الموسم السياحي القاتم، إذ أدت سنوات من الجفاف إلى انخفاض منسوب مياه بحيرة الحبانية الضخمة، ما أبعد المصطافين الذين كانوا يتدفقون إليها خلال الصيف.

وقال محمد البالغ من العمر 35 عاما طالبا عدم الكشف عن اسمه الكامل، "في العامين الماضيين، كان هناك بعض الحركة لكن الآن لم يعد هناك ماء".

وكان يعرض أمام متجره الواقع على ضفاف البحيرة عوامات مائية قابلة للنفخ وشبكات وقمصان، لكنه توقع قدوم القليل من الزبائن، هذا إن وجدوا.

وذكر محمد وقميصه مبلل بالعرق بسبب ارتفاع درجات الحرارة التي قاربت الـ 50 درجة مئوية، "هذا العام عام جفاف شديد!".

قارب متهالك مركون على جزء جاف من بحيرة الحبانية في صورة التقطت يوم 11 آب/أغسطس، نتيجة الجفاف الشديد الذي ضرب محافظة الأنبار العراقية. [مرتضى رضا/وكالة الصحافة الفرنسية]
قارب متهالك مركون على جزء جاف من بحيرة الحبانية في صورة التقطت يوم 11 آب/أغسطس، نتيجة الجفاف الشديد الذي ضرب محافظة الأنبار العراقية. [مرتضى رضا/وكالة الصحافة الفرنسية]
أشخاص يسبحون في المياه الضحلة لبحيرة الحبانية بمحافظة الأنبار العراقية يوم 11 آب/أغسطس. وقد انخفض منسوب المياه في الحبانية بعشرات الأمتار بعد 4 سنوات متتالية من الجفاف الذي عصف بأجزاء من البلاد. [مرتضى رضا/وكالة الصحافة الفرنسية]
أشخاص يسبحون في المياه الضحلة لبحيرة الحبانية بمحافظة الأنبار العراقية يوم 11 آب/أغسطس. وقد انخفض منسوب المياه في الحبانية بعشرات الأمتار بعد 4 سنوات متتالية من الجفاف الذي عصف بأجزاء من البلاد. [مرتضى رضا/وكالة الصحافة الفرنسية]

وانحسرت شواطئ الحبانية الواقعة على بعد 70 كيلومترا غربي العاصمة بغداد بعشرات الأمتار بعد 4 سنوات متتالية من الجفاف الذي عصف بأجزاء من البلاد.

وتصنف الأمم المتحدة العراق الذي يعاني من القصور المائي كواحد من 5 بلدان هي الأكثر تأثرا ببعض تداعيات تغير المناخ.

وفي هذا السياق، قال جمال عودة سمير مدير الموارد المائية في محافظة الأنبار حيث تقع الحبانية، إن قدرة البحيرة الاستيعابية القصوى تبلغ 3.3 مليار متر مكعب من المياه، مضيفا أنه في العام 2020 كانت البحيرة ممتلئة إلى حدها الأقصى.

وكشف أن "البحيرة لا تحتوى اليوم سوى على 500 مليون متر مكعب من المياه" فقط.

وفي ذروة فصل الصيف، باتت المتاجر كمتجر محمد والشقق السياحية المجاورة للبحيرة فارغة. وتنتشر الكلاب الضالة على الشاطئ بين المظلات غير المستخدمة.

وللوصول إلى المياه، يتوجب على الزائرين المشي عبر وحل كريه الرائحة كان يشكل سابقا مغمورة تحت سطح البحيرة.

احتياطي المياه في العراق عند أدنى مستوياته

وتم إنشاء المنتجع حول البحيرة الاصطناعية في عام 1979 وأصبح في السنوات التالية وجهة شهيرة للسياح من جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وبين عامي 2014 و2018، أغلقت المدينة السياحية بشكل كامل أمام السياح من أجل إيواء العائلات النازحة جراء ممارسات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

فقد لجأ النازحون إلى المنتجع هربا من سطوة تنظيم داعش، فيما كانت القوات العراقية تقاتل لطرده من مدن الأنبار.

واليوم، أدى انخفاض هطول الأمطار على مدى السنوات الأربع الماضية وارتفاع درجات الحرارة إلى ضرب الحبانية ومعظم أنحاء البلاد بشدة.

وتلقي بغداد باللائمة في انخفاض منسوب المياه بشكل كبير في نهر الفرات الذي يغذي البحيرة ويمر أيضا عبر سوريا، على تركيا المجاورة نظرا لقيامها ببناء سد على النهر.

وحذر المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال من أن "احتياطيات المياه الاستراتيجية في العراق في أدنى مستوياتها" منذ ما يقارب القرن.

إلى ذلك، وفي زيارة إلى بغداد الأسبوع الماضي، حذر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك من أن "ارتفاع درجات الحرارة بالإضافة إلى الجفاف والفقدان الفعلي للتنوع، كلها عوامل تشكل إنذارا للعراق وللعالم أجمع".

ومن جانبه، قال سعد صالح محمد المسؤول المحلي المشرف على الشؤون المالية في منتجع الحبانية، "انحسرت البحيرة" وأصبحت السياحة "بالفعل ضعيفة للغاية".

وأكد أن "البحيرة أصبحت عبارة عن بركة ماء راكدة لا تصلح لا للشرب ولا للسباحة".

وعندما حل المساء وانخفضت درجات الحرارة بشكل طفيف، وصل أخيرا عدد قليل من الناس للشواء على الشاطئ.

وبين هؤلاء قاسم لفتة الذي جاء مع عائلته من مدينة الفلوجة المجاورة.

وقال التاجر البالغ من العمر 45 عاما "في السابق، كنا نأتي إلى هنا وكان الوضع أفضل بكثير وكان منسوب المياه أعلى".

وأعرب عن أمله بأن تعيد السلطات إحياء البحيرة.

وأضاف أنه "المكان الوحيد الذي يمكن للناس القادمين من الأنبار وجنوب العراق وبغداد الاسترخاء فيه".

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *