صحة

العراق يطلق برنامجا شاملا لرعاية الناجين من انفجارات الألغام الأرضية

العراق هو البلد الأول الذي يملك الآن معيارا وطنيا متوافقا مع المعايير الدولية المتخصصة في مجال مساعدة ضحايا الألغام.

عراقي يوزع على مجموعة من الأطفال كتيبات إرشادية حول كيفية تجنب مخاطر الألغام وعدم الاقتراب أو اللهو بالأجسام الغريبة. الصورة منشورة بتاريخ 4 نيسان/أبريل 2022. [وزارة البيئة العراقية]
عراقي يوزع على مجموعة من الأطفال كتيبات إرشادية حول كيفية تجنب مخاطر الألغام وعدم الاقتراب أو اللهو بالأجسام الغريبة. الصورة منشورة بتاريخ 4 نيسان/أبريل 2022. [وزارة البيئة العراقية]

أنس البار |

ينفذ العراق برنامجا جديدا لدعم مواطنيه الذين تعرضوا للأذى جراء انفجار الألغام والمخلفات الحربية في إطار استراتيجية وطنية تمتد لخمس سنوات وتهدف لتقليص مساحة الأراضي الملغمة والحد من مخاطرها على السكان الريفيين.

ووفقا للمسؤولين العراقيين، يتضمن البرنامج مزايا وخدمات متنوعة لتغطية كل الاحتياجات الخاصة للناجين من الألغام ومنحهم القدرة على تخطي تأثيراتها المدمرة على حياتهم.

وقال مدير التخطيط والمعلومات في دائرة شؤون الألغام العراقية، أحمد عبد الرزاق، إن مساعدة ضحايا الألغام أولوية لدى الحكومة وتمثل واحدة من الأهداف الأربعة للاستراتيجية الوطنية الخاصة بمكافحة الألغام للأعوام بين 2023 و2028.

وأوضح أنه بالإضافة للدعم، يشمل البرنامج "الاستمرار بجهود تطهير الأراضي الملوثة بالألغام والمتفجرات".

عراقي من ضحايا الألغام يتلقى مساعدات طبية في أحد مراكز الدعم الحكومي بمحافظة نينوى يوم 23 تموز/يوليو. [وزارة البيئة العراقية]
عراقي من ضحايا الألغام يتلقى مساعدات طبية في أحد مراكز الدعم الحكومي بمحافظة نينوى يوم 23 تموز/يوليو. [وزارة البيئة العراقية]

وأضاف أن البرنامج يسعى لرفع الوعي العام بمخاطر الألغام وتأكيد "الملكية الوطنية والمشاركة والتنسيق الفعّال للمعلومات مع جميع الشركاء" في جهود الإزالة.

ووفقا لعبد الرزاق، كانت مساحة التلوث بالأجسام القابلة للانفجار في البلاد تقدر بأكثر من ستة آلاف كيلومتر مربع، رغم أن العراق استطاع تقليص المساحة الملوثة بأكثر من النصف من خلال جهوده على مدى السنوات الماضية.

ومع ذلك، تستمر الألغام ومخلفات الحرب الأخرى المتفجرة في حصد المزيد من الأرواح، إذ خلال العام الماضي لقي ما لا يقل عن 150 شخصا مصرعهم، جُلّهم من المزارعين ورعاة الأغنام.

ومن بين الضحايا أيضا متنزهون غامروا بالذهاب إلى الأراضي العشبية النائية والمناطق الجبلية لأغراض ترفيهية، بالإضافة إلى أعضاء فريق إزالة الألغام.

وبحسب بعض الإحصاءات، بلغ عدد العراقيين الذين تعرضوا خلال العقدين الماضيين لحوادث الألغام التي أدت لبتر أطراف أو حصول تشوهات أو إصابات مستديمة نحو 24 ألف شخص.

ومن بين أولئك، هناك نحو 15 ألف عراقيا معاقا يتلقون خدمات الدعم في مشافي البصرة وميسان حيث تنتشر الألغام بكثرة.

انتشار حقول الألغام

ووفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر، تهدد الألغام حياة 8.5 مليون عراقي، لا سيما الذين يعيشون في الأرياف.

ويشير عبد الرزاق إلى أن هذه الحقول تعود لفترة الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي، "وتقع ضمن الشريط الحدودي مع الجانب الإيراني".

ولا يقتصر الأمر فقط على الألغام، وإنما أيضا هناك العبوات الناسفة والقذائف غير المنفجرة ومخلفات الحروب و النزاعات التي شهدتها البلاد خلال العقود الأربعة المنصرمة.

وكان آخر مصادر التلوث المتفجرات التي زرعت من قبل تنظيم 'الدولة الإسلامية' (داعش) بين عامي 2014 و2017.

ويحاول العراق اليوم عبر برنامج دعم ضحايا الألغام مجابهة التأثيرات السيئة الواقعة على الأفراد بما يتلاءم مع المعايير الدولية.

وقد سبق له أن أعلن في مطلع هذا العام عن اعتماده المعيار الدولي لضحايا الألغام، وهي خطوة تعزز الإجراءات الخاصة بشمول أعداد أكبر من المعاقين بالدعم الكافي والمساعدة.

توافق مع المعايير الدولية

وأثناء ورشة عمل عقدت في 5 تموز/يوليو 2023، قال مدير عام دائرة شؤون الألغام صباح حسن الحسيني إن برنامج الدعم الحكومي الخاص بمساعدة المتضررين من الألغام هو "الأفضل من بين البرامج الوطنية على مستوى العالم".

من جانبها، ذكرت مديرة البرامج في المنظمة الدولية للإعاقة دانيلا ماريا بوستا خلال الورشة، أن "العراق هو البلد الأول في العالم الذي يملك الآن معيارا وطنيا متوافقا مع المعايير الدولية المتخصصة في مجال مساعدة ضحايا الألغام".

وأضافت أن ذلك يعتبر "انجازا كبيرا ينبغي استثماره على أكمل وجه".

وعلى رأس الخدمات التي يوفرها البرنامج المستحدث هي الرعاية الطبية الطارئة والمتابعة العلاجية والتأهيلية طويلة الأمد.

ويشمل أيضا الجراحات والفحوصات المجانية وتجهيز الأطراف الصناعية التعويضية والكراسي المتحركة والمساند الطبية والوسائل المساعدة على المشي.

ولدى السلطات أيضا خطط إجرائية منسقة بين عدة وزارات معنية لمساعدة الضحايا في التغلب على الصدمات النفسية بعد الإصابات البترية واستعادة حياتهم بصورة طبيعية.

دعم مادي

وعلى المستوى الاقتصادي، يوفر البرنامج وظائف مناسبة للضحايا أو قروضا تشجيعية لافتتاح مشاريع صغيرة أو معاشات تقاعدية لغير القادرين على العمل.

ويمنح أيضا للضحايا فرصة تكوين جمعيات ويوفر لهم مجموعات دعم وشبكات اجتماعية ووسائل لتعزيز مقاومة الناجين.

ويأمل علي الوائلي، 37 عاما، وهو أحد ضحايا الألغام في مدينة البصرة، أن "يلبي البرنامج الجديد كل المتطلبات للعيش بشكل أفضل".

وأضاف أنه منذ خسارته ساقيه بانفجار لغم أرضي عام 2013، تمر أسرته بصعوبات معيشية بسبب عدم قدرته على العمل.

ويؤكد "نطلب دعما ماديا مجزيا من الدولة وخدمات أكثر تخفف علينا ضغوطات الحياة".

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *