حقوق الإنسان
ارتفاع معدل التسرب المدرسي وتدهور صحة الأطفال مع استمرار الحرب اليمنية
إن طفلين من أصل كل 5 أطفال في اليمن هما خارج المدرسة، في حين يحتاج أكثر من 8 ملايين طفل إلى المساعدة الصحية.
فيصل أبو بكر |
عدن - حذرت منظمات إنسانية قائلة إن تعليم وصحة الأطفال اليمنيين تضررا بشكل دائم جراء الحرب الدائرة في البلاد والتي دخلت عامها العاشر في 26 آذار/مارس.
وتفاقمت المعاناة بشكل إضافي جراء هجمات الحوثيين المدعومين من إيران على السفن العابرة في البحر الأحمر، ما تسبب بتدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي المتردي بالفعل في اليمن.
وقالت منظمة أنقذوا الأطفال في تقرير صدر في 25 آذار/مارس إن 4.5 ملايين طفل يمني لا يرتادون المدارس وهو ما يمثل طفلين من أصل كل 5 أطفال، مشيرة إلى احتمال مضاعف بتسرب الأطفال النازحين مقارنة بالأطفال الآخرين.
وأضافت المنظمة أن ثلث الأسر اليمنية قد تسرب طفل واحد على الأقل لديها خلال العامين الماضيين، وذلك رغم هدنة استمرت منذ انتهاء سريان وقف إطلاق النيران الذي تم التوصل إليه بوساطة الأمم المتحدة في نيسان/أبريل 2022.
وفي هذا السياق، قال محمد مناع المدير القطري المؤقت لليمن في منظمة أنقذوا الأطفال إنه "بعد 9 سنوات من هذا الصراع المنسي، نواجه حالة طوارئ تعليمية لم نر مثلها من قبل".
وأضاف أن "النتائج التي توصلنا إليها مؤخرا يجب أن تكون بمثابة دعوة للاستيقاظ وعلينا أن نتحرك الآن لحماية هؤلاء الأطفال ومستقبلهم".
تراجع مستوى التعليم الحكومي
وبدوره، قال نجيب الروحاني الذي كان يشغل منصب وكيل مدرسة حكومية سابقا في حديث للفاصل إن "التعليم في المدارس العامة تراجع كثيرا وأصبح أولياء الأمور يدركون هذا التراجع بسبب عدم انتظام المعلمين لعدم دفع مرتباتهم".
وأضاف أن "ذلك يعود أيضا إلى عدم طباعة الكتاب المدرسي وافتقاد المدارس لأبسط الأدوات المساعدة للتعليم".
وأوضح الروحاني الذي أقالته جماعة الحوثي من المدرسة التي كان يعمل فيها، أن الأنشطة المدرسية استخدمت بشكل إضافي في هذه الأثناء لخدمة الحوثيين وإيران الداعمة لهم، ما أجبر الكثير من أولياء الأمور على إبقاء أطفالهم في المنازل.
وأشار إلى ارتفاع رسوم المدارس الحكومية والتي تسميها جماعة الحوثي بـ"المساهمة المجتمعية"، ما يشكل سببا إضافيا يجبر العديد من الطلاب على ترك المدرسة.
وقال أحد الآباء الذين تم مقابلتهم في سياق إعداد تقرير منظمة أنقذوا الأطفال إنه اضطر لسحب 2 من بناته الأربعة من المدرسة بسبب ارتفاع التكلفة.
وأوضح أن "النفقات المدرسية لكل طفل يمكن أن تصل إلى أكثر من 25 بالمائة من راتبي. ويبلغ راتبي [الشهري] 73 ألف ريال يمني (أي نحو 46 دولارا) وهذا لا يكفي حتى لشراء الطعام الذي نحتاجه".
الوضع الصحي ’مأسوي‘
وفي هذا الإطار، قالت منظمة الصحة العالمية يوم 25 آذار/مارس إن ما يقدر بـ 17.8 مليون يمني هم بحاجة إلى مساعدات صحية، ونصفهم من الأطفال.
ومن جانبه، قال طبيب أطفال يعمل في مستشفى السبعين للأمومة والطفولة بصنعاء للفاصل طالبا عدم الكشف عن هويته، إن "الوضع الصحي بشكل عام مأساوي وخصوصا بالنسبة للأطفال".
وأضاف أن المواطن اليمني لم يعد يذهب إلى عيادة الطبيب أو المستشفى "إلا عند الضرورة القصوى".
وأشار إلى أن "صنعاء تعيش انتشارا مخيفا لمرض الكوليرا وتفشي عودة مرض شلل الأطفال الذي أعلن اليمن خلوه في 2007".
وتابع "هذا يجعلنا أمام كارثة ومأساة ستجتاح الكل إذا لم يشهد القطاع الصحي تدخلا من المنظمات الدولية المعنية بهذا الأمر".
وأكد أن أكثر من نصف القطاع الصحي دمر "بسبب حرب الحوثي وإيران على اليمن واليمنيين وبسبب انقطاع المساعدات الطبية أو تأخرها جراء هجمات البحر الأحمر".
أزمة خانقة
ومن جهته، قال المحلل السياسي محمود الطاهر لموقع الفاصل "أدت بالفعل هجمات الحوثي في البحر الأحمر والدعم الإيراني المتواصل للحوثيين عسكريا إلى تفاقم الأوضاع المأساوية وخصوصا في القطاعين الصحي والتعليمي".
وأكد أن القيادات الحوثية "تنفذ أجندة إيران فقط دون مراعاة للأزمة الإنسانية التي يعاني منها اليمنيون منذ 10 أعوام".
وأشار إلى أن تلك القيادات تستمر في التنكيل بالشعب اليمني "من خلال فرض الإتاوات والاستقطاعات المالية ومنع التجار من إعانة الفقراء".
وذكر الطاهر أن الحوثيين تسببوا أيضا بأزمة في التعليم من خلال تعيين مشرفين تابعين للجماعة في المناصب القيادية بالمداس العامة.
وقال إن هؤلاء القادة "يتاجرون بالتعليم بهدف خلق جيل أمي".
وفي هذه الأثناء، أوقفت غالبية المنظمات الأممية التي تدعم القطاع الصحي في اليمن عملها بسبب العراقيل التي وضعتها جماعة الحوثي.
وحذر الطاهر من ظهور أوبئة وأمراض بسبب تدهور القطاع الصحي الذي يشرف عليه الحوثيون.
واستدرك قائلا أن "الشعب اليمني على شفا كارثة صحية".