سياسة
تصارع الأجنحة الحوثية على المال في ظل معاناة اليمنيين من الجوع
ظهر الصراع بين جناحي جماعة الحوثي إلى العلن وسط سباق بين الطرفين على الفساد ونهب الأموال.
فيصل أبو بكر |
عدن -- قال باحثون في اليمن إن صراعا اندلع بين جناحين تابعين للحوثيين المدعومين من إيران، مع تبادل الطرفين اتهامات الفساد لبعضهما البعض.
وتسربت أخبار عن صراع الجناحين بشأن المال في ظل معاناة الشعب اليمني من الجوع والفقر.
وقال مراقبون إن الصراع الداخلي يجري بين قيادات كبرى في جماعة الحوثيين، علما أنها تحاول ضبط وجمع الثروات وتعزيز نفوذها داخل الجماعة بحجة دعم المجهود الحربي في اليمن.
وأحد الجناحين يتصدره أحمد حامد مدير مكتب رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، حسبما نقلت صحيفة الشرق الأوسط في 29 تموز/يوليو.
وجاء في تقرير الصحيفة أن الجناح الثاني يتصدره محمد علي الحوثي، وهو أحد أعضاء المجلس الحاكم التابع للجماعة وابن عم زعيمها.
وبلغ الخلاف المتصاعد بين حامد والحوثي مرحلة التهجم بعد أن اتهم هذا الحوثي علنا حامد بالفسادورعاية الفاسدين والاستيلاء على الأموال العامة ومخصصات جبهات القتال.
وتدور المواجهة حول واقعة قام فيها مسؤولون حوثيون بالاستيلاء على ما يعادل 200 مليون دولار، حسبما ذكرت مصادر للوسيلة الإعلامية.
هذا وأعدت تقارير مكثفة بشأن الصراع الداخلي في صفوف الحوثيين على مر السنين.
وقالت مصادر إن فرع الرقابة والمحاسبة الذي يديره القيادي الحوثي محمد العماد التابع لجناح محمد الحوثي أعد تقريرا عن أحد أوجه الفساد بجناح حامد.
وذكر أحد تقارير المراجعة الدورية للجهاز أن رئيس هيئة النقل البري الحوثية وليد الوادعي استولى على أموال وصلت قيمتها إلى ما يقارب الـ 200 مليون دولار.
ودفع هذا التقرير والحملة الإعلامية التي رافقته بالمشاط إلى إقالة الوادعي من منصبه، علما أنه أمضى فيه 8 سنوات.
ونقلت عدة وسائل إعلام أخبار تبادل الاتهامات بين الطرفين، علما أن حامد اتهم بنهب أكثر من 14 مليار دولار من الدولة.
واتهم حامد أيضا بنهب أموال قدرت بنحو 13 مليار دولار بذرائع مختلفة، بما في ذلك "المجهود الحربي" ورفد الجبهات وكفالة عائلات الشهداء.
قوة مطلقة ونهب مفرط
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي فارس البيل إن "أسباب الصراعبين أجنحة الحوثي واضحة".
وأضاف "نحن أمام جماعة خرجت من العدم وفجأة سيطرت على جزء كبير من البلاد بكل مقدراتها ووجدت أمامها كل الثروات متاحة دون رادع أو مسؤولية أو رقابة".
وأوضح أن الحوثيين "قوة مطلقة، لذلك هناك إفراط بالنهب".
وتابع أنه بعد الانقلاب الذي نفذته الجماعة، "وجدت القيادات نفسها تلثم على ثروات كبيرة وأموال وكل أدوات الإثراء".
وقال البيل إن "رغم النظام الصارم الذي تعيشه الجماعة تحت إشراف خبراء من الحرس الثوري الإيرانيوحزب الله، إلا أن هذه الخلافات خرجت للعلن".
وأضاف أن جماعة الحوثي لا تملك أي نظام مالي أو رقابة لضمان الشفافية، ولكن "حالة السرية التي تدير بها نفسها هي من تغطي على كثير من حالات الفساد للقيادات".
وذكر أن "القدرة على الإثراء متاحة"، مشيرا إلى أنه يتوقع أن يؤدي ذلك إلى وضع قابل للانفجار في المستقبل.
وبدوره، قال الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت إن "الحوثيين بنوا لهم نظاما ماليا واقتصاديا موازيا لمؤسسات الدولة من أجل تدمير مؤسسات الدولة ونهبها والاستيلاء على مقدراتها".
وأوضح أن التسابق بين قيادات الجماعة لجمع الثروات والنفوذ زاد التنافس بين الأجنحة، علما أن كل منهما يسعى وراء مصالحه الخاصة عبر تدمير مؤسسات الدولة.
نهب المساعدات
ومن جانبه، قال مدير مكتب حقوق الإنسان بأمانة العاصمة صنعاء فهمي الزبيري إن الصراع بدأ منذ فترة بين جناحي حامد والحوثيين.
وأوضح أن الجناح التابع لحامد يقوم بنهب أموال ومساعدات المنظمات الدولية بما يصل إلى مليارات الدولارات، في حين يسعى جناح الحوثي إلى زيادة ثروته ونفوذه.
وتابع أن الحوثي "يرى في نفسه الأحق بموقع المشاط" كرئيس للمجلس السياسي الأعلى.
وأضاف أنه في سياق محاولتهما خلع المشاط وأخذ حصته من الأموال المنهوبة، يقوم الحوثي وجناحه "بتسريب شائعات الفساد لإضعاف الجناح الآخر".
ولفت إلى تفشي الفساد وسط تعليق رواتب موظفي القطاع العام والقيود المفروضة من قبل الحوثيين على العاملين في متاجرهم والتجارة والشركات.
وذكر أن "هذا الفساد يظهر من خلال التوسع العمراني الكبير الذي تشهده مناطق سيطرة الحوثي"، مشيرا إلى تسابق أجنحة الحوثي على سرقة الأموال "بينما الشعب يموت جوعا"..
وبحسب وكيل وزارة الإعلام اليمنية أسامة الشرمي، يقوم الحوثيون "بالاستثمار في الحرب وحشد الناس لأجلها".
وأوضح أنه لم يعد هناك أي معارضين للحوثيين في مناطق سيطرتهم، ما يعني أن مثل هذه التقارير التي تحمل إدانة تأتي من داخل الجماعة نفسها.
وقال إن الصراع بين قيادات الجماعة "معلن، فطرف يسرق المساعدات الدولية وطرف يسرق أموال الدولة من الداخل. وكل طرف لا يريد كشف فساده أمام العالم".
وأضاف أنه من المثير للسخرية أن الحوثيين كانوا قد قدموا أنفسهم في وقت من الأوقات كقوة للقضاء على الفساد، لافتا إلى أنهم باتوا اليوم "يمارسون الفساد ونهب الأموال وسط ارتفاع الفقر والجوع وانقطاع المرتبات في البلاد".