أمن
ارتفاع معدلات الجريمة بمناطق سيطرة الحوثيين وسط غياب القانون والإفلات من العقاب
تشهد المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين في اليمن تصاعدا في جرائم العنف، ما يعكس كيف أسهمت التعبئة الأيديولوجية للميليشيا والفساد وغياب سلطة القانون في نشر الخوف وزعزعة الاستقرار.
![مسلحون من أنصار الحوثيين يرددون شعارات خلال تجمع في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة في 12 أيلول/سبتمبر. [محمد حويس/وكالة الصحافة الفرنسية]](/gc1/images/2025/10/23/52468-houthi_sanaa-600_384.webp)
فيصل أبو بكر |
شهدت المناطق الخاضعة للحوثيين ارتفاعا كبيرا في معدلات الجريمة، مع ارتباط معظم المتورطين فيها بقيادة الميليشيا أو مقاتليها العائدين من جبهة القتال.
وقال ناشطون حقوقيون إن هذه الجرائم التي تتراوح بين القتل والخطف والعنف الأسري، يعززها التلقين المتطرف وتلاعب الحوثيين بالمؤسسات القضائية.
وكشفت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات أن معدلات الجريمة ارتفعت هذا العام بشكل قياسي بلغ نسبة 500 بالمائة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
وعزا تقريرها الصادر في 10 أيلول/سبتمبر هذا الارتفاع إلى التعبئة الطائفية وإفلات الميليشيا من العقاب، إضافة إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والنفسية.
ووثق التقرير موجة من الجرائم الوحشية في محافظات ريمة وإب والجوف والبيضاء وصنعاء وعمران، مشيرا إلى أن العديد من مرتكبيها هم من قادة الحوثيين أو من مقاتليها المتأثرين بأيديولوجية الجماعة المتطرفة.
وقال رئيس الشبكة اليمنية للحقوق والحريات محمد العمدة إن "الزيادة في الجرائم الأسرية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين هي نتيجة مباشرة لبرامج التعبئة الطائفية التي تنظمها الميليشيا الإرهابية والفكر الإجرامي الذي تتبناه، ما أسهم في تفشي العنف وتفكيك النسيج الاجتماعي".
وأضاف أن "معظم الجرائم يرتكبها قادة حوثيون وعناصر عائدون من جبهات القتال أو من الدورات الأيديولوجية، ما يدل على انهيار عميق في المنظومة الاجتماعية والقيمية".
وحذر العمدة من أن كل شاب يجري تلقينه خلال برامج التعبئة الطائفية هو قاتل محتمل لأسرته ومجتمعه.
وقال إن الميليشيا "تزرع الفتنة وتنشر ثقافة الموت، في تعارض مباشر مع قيم الرحمة والتعايش".
الحصانة مقابل الولاء
ومن جانبه، اعتبر وكيل وزير العدل فيصل المجيدي أن تصاعد الجريمة يعود إلى تفكيك الحوثيين المتعمد لمنظومة القضاء في اليمن.
وأوضح للفاصل أن "ارتفاع معدلات الجريمة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين هو نتيجة مباشرة لاستيلاء الجماعة على المؤسسات الأمنية والقضائية وإحداثها تغييرات جذرية في كامل الجهاز القضائي، بدءا من مجلس القضاء الأعلى ووصولا إلى أصغر المحاكم".
وأردف أن "الحوثيين أنشأوا مؤسسات أمنية وقضائية موازية بهدف تعطيل عمل القضاء والسيطرة الكاملة عليه".
وأنشأت الجماعة أيضا أجهزة استخباراتية مثل جهاز الأمن الوقائي وجهاز الأمن الثوري بقيادة علي حسين الحوثي، ومنحت عناصرها حصانة غير معلنة طالما بقوا موالين لها.
وتابع المجيدي أن "الميليشيا تسعى إلى فرض سيطرتها عبر نشر الفوضى والخوف مستهدفة كل من هم خارج قاعدتها الاجتماعية، ما أدى إلى تفكك النسيج الاجتماعي وارتفاع غير مسبوق في معدلات الجريمة".
أما الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت، فأشار إلى أن الانهيار الاقتصادي واستشراء الفساد يشكلان عاملين رئيسين في تفاقم الأزمة.
وقال إن "تدهور الأوضاع الاقتصادية أدى إلى انهيار قيم التعايش والتكافل، ما ترك المواطنين أكثر عرضة للعنف والاستغلال".
وأضاف أن "السياسات الاقتصادية الكارثية وانتشار السلاح على نطاق واسع بين عناصر الجماعة هي من أبرز العوامل التي أسهمت في ارتفاع معدلات الجريمة".
وختم ثابت محذرا من أن حكم الحوثيين يهدد السلم الأهلي ويحول المناطق الخاضعة لسيطرتهم إلى بؤر للإرهاب الممنهج".